في الاقتصادات الرقمية الناشئة حول العالم، يُحدث علم البيانات(Data Science) ضجة في كل مجال يمكن للمرء أن يفكر فيه. فمع التدفق المستمر للمعلومات في شكل بيانات غير منظمة، أصبحت الحاجة إلى استخدام علم البيانات لتحويلها إلى رؤى وقرارات قابلة للتنفيذ أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.
ما هو علم البيانات؟
علم البيانات هو علم وظيفته الحصول على أفكار واستنتاجات مفيدة من البيانات الأولية. ويشمل التحليل الإحصائي وتحليل البيانات والتعلم الآلي ونمذجة البيانات والمعالجة المسبقة للبيانات.
لتوضيح هذا التعريف دعونا نستشهد ببعض الأمثلة المتعلقة بالبيانات والتي ربما نعرفها من قبل. فمثلا في فلم (Moneyball)، يظهر فريق ضعيف في لعبة البيسبول، يحاول المنافسة للوصول إلى أعلى مستويات البطولة، وذلك عن طريق تحليل نقاط البيانات الإحصائية لكل لاعب في الفريق الخصم، ومن ثم تحديد أدائهم لمعرفة طريقة الفور باللعبة، هذا المثال نستطيع من خلاله فهم أهمية علم البيانات في المجال الرياضي، ويمكن تعميمه لنستفيد منه في مجالات أخرى كثيرة، بعد تصو ر الفكرة العامة لكيفية عمله.
مثال آخر هو كيفية جمع محركات البحث لبيانات المستخدمين، وبناء على اختياراتهم، يتم تقديم توصيات لهم. حيث تستخدم المؤسسات محركات التوصية(Recommendation Engines) التي تم إنشاؤها وتدريبها باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي المختلفة، للتنبؤ بالتوصيات التي تخدم سجل المستخدم على أفضل وجه.
من الأمثلة السابقة يمكننا تعريف علم البيانات بأنه مجال الدراسة الذي تتم فيه معالجة البيانات من خلال مفاهيم إحصائية ورياضية متقدمة وباستخدام تقنيات التعلم الآلي لجمع رؤى واستنتاجات قابلة للتنفيذ لحل مشكلة معينة في أي مجال من مجالات العمل.
لماذا علم البيانات؟
تتمركز أهمية علم البيانات حول استخدام المعلومات لمساعدتنا في اتخاذ خيارات أفضل لحل المشكلات، إنه يمثل قوة هائلة لصانعي القرار بمختلف درجاتهم، ومن أسباب الاهتمام به ما يلي:
- القرارات الذكية: باستخدام علم البيانات ، يمكننا تحليل البيانات لاتخاذ قرارات ذكية في مجال الأعمال والصحة والعديد من المجالات الأخرى.
- حل المشاكلات : هو أداة قيمة تساعدنا في حل المشكلات الصعبة. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد الأطباء في إيجاد طرق أفضل لعلاج الأمراض.
- اكتشاف الأنماط: لعلم البيانات القدرة على مساعدتنا في العثور على أنماط مخفية في البيانات قد لا نراها بمفردنا أو باستخدام الوسائل التقليدية الأخرى. إنه أمر مشابه للعثور على الكنوز المخفية.
- توفير الوقت والمال: باستخدام البيانات وتحليلها بالطريقة الصحيحة، يمكننا توفير الوقت والمال. هذا الأمر بالنسبة للشركات، هذا يعني المزيد من الأرباح.
- إمكانات لا نهائية: علم البيانات هو أداة قوية مع إمكانيات لا حصر لها. إنه مثل امتلاك عصا سحرية لفهم العالم، لأنه ببساطة يمكننا في كل مرة من فهم المشكلة من وجهة نظر مختلفة.
باختصار، يمكننا القول إنه يمكن باستخدام الاستثمار الجيد والواعي لعلم البيانات لجعل الحياة أفضل وأسهل وأكثر إثارة.
اقرأ أيضا: قواعد البيانات، أداتك للتفوق والمنافسة
دورة حياة علم البيانات:
تشتمل دورة حياة علم البيانات ما يلي:
- تعريف المشكلة(Problem Definition): هذا هو المكان الذي نبدأ فيه بتحديد واضح للمشكلة التي نريد حلها باستخدام البيانات، من الأهمية بمكان أن يكون لدينا هدفا محددا بشكل جيد. على سبيل المثال، قد نرغب في التنبؤ بسلوك العملاء بالنسبة لنشاط تجاري، أو اكتشاف عمليات الاحتيال في المعاملات المالية.
- جمع البيانات(Data Collection): بمجرد تعريف المشكلة، يتم جمع البيانات المطلوبة لمعالجتها. يمكن أن تأتي هذه البيانات من مصادر مختلفة، مثل قواعد البيانات أو أجهزة الاستشعار أو الإنترنت. إنه مثل تجميع الأدوات والمعدات المختلفة التي تحتاجها عند التجهيز لرحلة طويلة.
- تنظيف البيانات(Data Cleaning): يمكن أن تحتوي البيانات التي تم جمعها على بعض الفوضى. في هذه الخطوة، يمكننا تنظيف البيانات وإزالة الأخطاء والتكرارات والمعلومات غير ذات الصلة. إنه أقرب إلى تمهيد الطريق لرحلتك حتى لا تتعثر في العقبات.
- التحليل الاستكشافي للبيانات(Exploratory Data Analysis): في هذه المرحلة يمكننا البحث في البيانات لفهم خصائصها. فمثلا يمكن إنشاء بعض المخططات المرئية أو إجراء تحليلات إحصائية للحصول على بعض الرؤى والأفكار، إنه مثل فحص الخريطة لمعرفة التضاريس التي ستجتازها في رحلتنا.
- المعالجة المسبقة للبيانات(Data Preprocessing): وهنا يتم تجهيز البيانات للتحليل، قد يتضمن ذلك تحجيم البيانات أو تطبيعها أو ترميزها، مما يجعلها مناسبة للنمذجة والمالجة. إنه أمر مشابه لترتيب وتعبئة مستلزمات الرحلة في حقائب ذات أحجام معينة.
- بناء النموذج(Model Building): الآن ، واعتمادا على نوع المشكلة، يمكننا إنشاء نماذج باستخدام خوارزميات مختلفة لتحليل البيانات. يمكننا استخدام نماذج الانحدار(Regression) أو التصنيف(Classification) أو التجميع(Clustering) أو التعلم العميق(Deep Learning). إنه مثل استخدام الأدوات لاستكشاف تضاريس طريق الرحلة.
- تقييم النموذج(Model Evaluation): بعد بناء النموذج، نقوم بتقييم أدائها، يمكن استخدام مقاييس مختلفة لمعرفة مدى نجاحها في حل المشكلة. إنه مثل التحقق من تقدمك والتأكد من أنك على الطريق الصحيح أثناء رحلتك.
- النشر(Deployment): عندما يتم التأكد من جودة أداء النموذج، يتم نشره والاستفادة منه في العالم الحقيقي .على سبيل المثال إذا قمنا بإنشاء نظام توصية(Recommendation System)، وتأكدنا من حسن أدائه، فيجب أن يتم استثماره لتقديم التوصيات للمستخدمين. إنه مثل الوصول إلى وجهتك ووضع مهاراتك التي استفدتها أثناء الرحلة في الاستخدام العملي وإرشاد الآخرين للوصول.
- الملاحظات والتحسين(Feedback and Improvement): لا تنتهي الرحلة بالنشر، بل يجب مراقبة النماذج باستمرار وتجمع التعليقات حول أدائها. إذا لم يكن أداؤها كما هو متوقع ، فيمكنك إجراء تحسينات. إنه مشابه للاستفادة من تجارب رحلتك والاستعداد للرحلة التالية.
تمثل دورة حياة علم البيانات نهجا منظما يضمن لنا التعامل مع البيانات والاستفادة مما تكتنزه من أفكار ومعارف، وبالتالي فإنها تزيد من فرصتنا لاستخدام البيانات بنجاح لحل مشاكل العالم الحقيقي. كما أنها عملية تكرارية، مما يعني أنه يمكنك إعادة النظر في بعض الخطوات أثناء التعلم والتحسين على طول الطريق.
تابع الجزء الثاني من هنا.
لا توجد تعليقات