محركات البحث (Search Engines) هي برامج تساعد المستخدمين على العثور على المعلومات والمحتوى الذي يبحثون عنه في المواقع الموجودة على شبكة الإنترنت، حيث يستقبل محرك البحث استعلاما من المستخدم، ويرجع له قائمة من الصفحات أو المواقع أو المستندات أو الصور أو الفيديوهات التي تتطابق مع الكلمات التي تضمنها استعلامه.
كل محرك من محركات البحث له خصائصه التي تميزه عن غيره ومزاياه وعيوبه، فبعضها مثلا يقدم خدمات أخرى إلى جانب البحث كالترجمة أو البريد الإلكتروني، وبعضها نجده أقوى في البحث عن الصور مثلا، وبعضها يكون مخصصا للبحث في منطقة جغرافية معينة، وهكذا.
أهمية محركات البحث:
لقد أصبحت محركات البحث جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث إنه بإمكاننا الوصول إلى كم هائل ومتزايد باستمرار من المعلومات على شبكة الإنترنت، والتي لا يمكن الاستفادة منها دون وجود أدوات تساعد على تنظيم هذه المعلومات وإيجاد ما نبحث عنه بسرعة ودقة. وهنا تأتي الحاجة إلى محركات البحث مثل Google و Bing وغيرها، التي تُعدّ بمثابة مفتاح الوصول إلى هذا الكم الهائل من المعلومات.
فمحركات البحث تساعد المستخدمين على العثور على المعلومات التي يحتاجونها بسرعة وسهولة، من خلال توفير واجهة بحث بسيطة يُدخل المستخدم فيها الكلمات والعبارات الدالة على ما يريد، ليرجع له المحرك في ثوانٍ قليلة بنتائج تتوافق مع احتياجات بحثه.
تعمل محركات البحث باستمرار على فهرسة المليارات من صفحات الإنترنت وتنظيمها وتصنيفها، مما يسهّل عملية إيجاد المعلومات بشكل أسرع وأكثر دقة. وبهذا أصبحت تلك المحركات أداة لا غنى عنها في حياتنا اليومية سواء في العمل أو الدراسة أو حتى أغراض التسلية والترفيه.
تاريخ محركات البحث:
مع ظهور شبكة الإنترنت في بداية التسعينيات من القرن الماضي، ظهرت فكرة الحاجة إلى أدوات للبحث عن الكم المتزايد من المعلومات التي تحتويها المواقع والصفحات في فضاء الإنترنت، وكانت البداية مع محرك (Archie) الذي طوره طالب في جامعة ماكجيل في مونتريال عام 1990م، الذي كان يقوم بعرض الملفات المتوفرة على كل مواقع الإنترنت، والتي كانت قائمة صغيرة ومحدودة آنذاك.
بعدها توالت المحاولات لصناعة محركات بحث أكثر كفاءة حتى توجت بمحرك البحث الشهير AltaVista سنة 1995، والذي كان ثوريا في عصره وأصبح أكثر المحركات شعبية في ذلك الوقت، حيث أتاح إمكانية البحث في النصوص داخل الصفحات بدلا من البحث في العناوين فقط.
بعدها ظهر محرك جوجل سنة 1998 والذي طوّر خوارزميات بحث متقدمة مكنته من ترتيب نتائج البحث بشكل أكثر ملاءمة للمستخدم، وسرعان ما أصبح الأكثر استخدامًا عالميًا.
ومع تطور الإنترنت وزيادة حجم المعلومات عليها، ظهرت محركات بحث متخصصة أكثر مثل محرك البحث الأكاديمي Google Scholar سنة 2004 ومحرك التسوق Google Shopping سنة 2002.
كما برزت محركات بحث أخرى مثل Bing من مايكروسوفت سنة 2009، وDuckDuckGo سنة 2008 الذي ركز على الخصوصية.
أنواع محركات البحث:
يمكن تقسيم محركات البحث إلى عدة أنواع رئيسية:
- محركات بحث عامة: مثل Google وBing وYahoo، وتغطي هذه المحركات محتوى الإنترنت بشكل عام وتأتي نتائجها من مختلف أنواع المواقع.
- محركات بحث متخصصة: مثل Google Scholar للأبحاث العلمية أو Google Shopping لمقارنة المنتجات وأسعارها، تركز هذه المحركات على نوع محدد من المحتوى الذي يطلبه المستخدم.
- محركات بحث الوسائط: مثل Google Images و YouTube للبحث عن الصور والفيديوهات بدلاً من النصوص.
- محركات بحث إقليمية: وهي محركات مخصصة لبلد أو منطقة معينة.
- محركات بحث على مواقع التواصل الاجتماعي: وهي محركات البحث المضمنة داخل مواقع التواصل الاجتماعي مثل Facebook و Twitter، حيث ينحصر بحثها في محتوى هذه المواقع.
استخدامات محركات البحث:
تُستخدم محركات البحث بشكل أساسي في العثور على الكثير من أنواع المحتوى، وتتنوع أغراضها كالآتي:
- البحث عن معلومة محددة والتأكد من صحتها.
- البحث عن موضوع بحثي أو أكاديمي.
- مقارنة الأسعار والمنتجات قبل الشراء.
- البحث عن وظائف أو فرص عمل.
- معرفة آخر الأخبار والأحداث حول العالم.
- التواصل مع الأشخاص والمؤسسات.
- إيجاد خرائط مناطق أو تعليمات الوصول لمكان ما.
- الترفيه بالبحث عن أفلام أو مقاطع فيديو أو ألعاب.
التقنيات التي تعتمد عليها محركات البحث:
لتنفيذ وظائفها على أكمل وجه تعتمد محركات البحث على التقنيات التالية:
- الزحف: هو عملية جمع المعلومات من شبكة الإنترنت باستخدام برامج تسمى الزواحف (Crawlers) أو الروبوتات، تزور هذه البرامج المواقع والصفحات والروابط المختلفة وتقوم بتنزيل نسخ منها إلى قاعدة بيانات محرك البحث تسمى الفهرس (Index)، ويختلف معدل الزحف على محرك إلى آخر، وقد تفصل بضعة أيام بين عملية الزحف والتي تليها، وهذا هو السبب الذي يجعلك ترى أحيانًا محتوى صفحتك القديمة أو المحذوفة معروضًا في نتائج البحث، وستعرض نتائج البحث المحتوى المحدّث الجديد بمجرد أن تزحف محركات البحث إلى الموقع الإلكتروني مجددا.
- الفهرسة : وهي الخطوة التالية بعد عملية الزحف، وتتمثل في تنظيم وتصنيف المعلومات التي تم جمعها من شبكة الإنترنت في قاعدة بيانات تسهل على محرك البحث استرجاعها في وقت لاحق،حيث يقوم محرك البحث بتحليل المحتوى والهيكل والروابط والصور والفيديوهات وغيرها من عناصر كل صفحة ويخزنها في شكل فهارس تسجل كل كلمة رئيسية والصفحات التي تظهر فيها، وفي بعض الأحيان عندما لا يفهم الزاحف محتويات صفحتك ، قد يحتل موقعك مرتبة أدنى في نتائج البحث وتحتاج هنا إلى عملية تحسين صفحاتك لبرامج زحف محركات البحث (Search Engines Optimization/SEO ) للتأكد من سهولة فهم المحتوى وبمجرد أن تلتقط برامج الزحف الكلمات الرئيسية الصحيحة سيتم تخصيص صفحتك لتلك الكلمات الرئيسية وترتيبها في مرتبة عالية في نتائج البحث.
- حساب الصلة: نظرًا لأنه من المحتمل أن تحتوي أكثر من صفحة واحدة على محتوى متشابه، يبدأ محرك البحث في حسابات معقدة لمعرفة مدى ملاءمة كل صفحة من الصفحات المفهرسة بالكلمة التي يبحث عنها المستخدم، توجد خوارزميات مختلفة لحساب مدى الصلة بالموضوع وكل من هذه الخوارزميات لها أوزان نسبية مختلفة للعوامل المشتركة مثل كثافة الكلمات الرئيسية أو الروابط أو العلامات الوصفية وغيرها، نتائج هذه الخوارزميات هي التي تجعل نتائج محركات البحث تختلف فيما بينها.
- البحث واسترداد النتائج: وهي الخطوة الأخيرة من نشاط محركات البحث، حيث تتم عملية استقبال الاستعلام من المستخدم ومطابقته مع الفهارس في قاعدة البيانات وإرجاع قائمة من النتائج المناسبة، التي يتم عرضها ببساطة على المتصفح بترتيب معين.
- الابتكار والتطوير: هو عملية ملازمة لنجاح أي محرك، ويتم ذلك بالمتابعة المستمرة وإضافة الخدمات والتقنيات الجديدة التي تلبي احتياجات وتوقعات المستخدمين المتغيرة والمتنوعة، وهذا يشمل استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والتعلم العميق والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية وغيرها من التقنيات الحديثة لتحسين جودة وسرعة ودقة وتنوع وشمولية محرك البحث.
الذكاء الاصطناعي ومحركات البحث:
يمكن أن تلعب تقنيات الذكاء الاصطناعي دورًا محوريا في تطور محركات البحث وتحسين أدائها ، إذ تعتمد تلك المحركات على الذكاء الاصطناعي في العديد من جوانب عملها مثل:
- فهرسة وتنظيم صفحات الويب: يستخدم الذكاء الاصطناعي لفهم محتوى الصفحات وتصنيفها إلى فئات مناسبة بشكل آلي بدلاً من التصنيف اليدوي.
- تحسين خوارزميات البحث: باستخدام التعلم الآلي يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين خوارزميات محركات البحث بناءً على سلوك المستخدمين واستفسارات البحث.
- الربط بين الاستفسارات: يستطيع الذكاء الاصطناعي ربط استفسارات البحث المتشابهة ببعضها لتحسين النتائج.
- الترجمة الآلية: تتيح محركات البحث ترجمة نتائج البحث إلى لغات مختلفة بفضل تقنيات الترجمة الآلية المتقدمة.
- الرد على الاستفسارات بشكل مباشر: باستخدام معالجة اللغة الطبيعية، أصبح بالإمكان الرد مباشرة على بعض استفسارات المستخدمين دون الحاجة لعرض نتائج البحث.
- تخصيص نتائج البحث: يستطيع الذكاء الاصطناعي تخصيص نتائج البحث بناءً على الملف الشخصي وسلوك المستخدم.
وستظل تقنيات الذكاء الاصطناعي تغني محركات البحث وتجعلها أكثر ذكاءً وفائدة للمستخدمين مع مرور الوقت.
التحديات التي تواجه محركات البحث:
رغم التطور الهائل الذي شهدته محركات البحث إلا أنها ما زالت تواجه العديد من التحديات، من أبرزها:
- المحتوى المشفر أو غير المفهرس: هناك الكثير من المحتوى على الإنترنت لا تستطيع محركات البحث فهرسته بسبب التشفير أو الخصوصية التي تسبب محدودية الوصول.
- صعوبة ترتيب نتائج البحث: ما زال ترتيب نتائج البحث بشكل دقيق وفق احتياجات المستخدم يمثل تحديًا بالنسبة لخوارزميات محركات البحث.
- المحتوى الكاذب والضار: الأخبار الكاذبة والمحتوى الضار يشكل تحديًا أمام محركات البحث، وما تجلبه من نتائج.
- خصوصية المستخدمين: المحافظة على خصوصية بيانات وسلوك المستخدمين مع توفير تجربة بحث مخصصة تناسب كل مستخدم على حدى، من أكبر التحديات.
- الاحتكار: سيطرة محرك بحث واحد على معظم حركة البحث على الإنترنت مع وجود القليل من المنافسة، يجعل من عملية البحث مقيدة بخيارات هذا المحتكر.
- تنوع الأجهزة: تطوير تجربة بحث متسقة تصلح لمختلف أنواع الأجهزة كالهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية، أيضا من التحديات التي تواجه محركات البحث.
ومع كل ذلك ما زالت محركات البحث تشهد تحسنًا مستمرًا في خوارزمياتها وواجهاتها لمواكبة احتياجات المستخدمين والتغلب على هذه التحديات.
تقييم محركات البحث:
عملية تقييم جودة محركات البحث من الخطوات المهمة للشركات والمواقع الإلكترونية لضمان ظهورها في نتائج البحث بشكل أمثل وزيادة ترتيبها ورؤيتها من قبل المستخدمين، توجد عدة طرق يمكن استخدامها لتقييم جودة محركات البحث، منها:
- الاكتمال والدقة: يتعلق هذا الجانب بقدرة محرك البحث على تقديم نتائج شاملة ودقيقة وفقًا لاستعلامات المستخدمين، يتم تقييم جودة المحركات من خلال مقارنة النتائج المقدمة مع محتوى الصفحات المرتبطة وتطابقها مع متطلبات البحث.
- الشمولية والتنوع: يتعلق بقدرة محرك البحث على تقديم نتائج شاملة ومتنوعة تلبي احتياجات المستخدمين المختلفة، وذلك بتقديم محتوى متنوع المصادر والمواضيع والأنواع في النتائج.
- السرعة: يتعلق بسرعة استجابة محرك البحث وتوفير النتائج وعرضها في وقت قصير.
- تجربة المستخدم: يتعلق بواجهة المستخدم وتجربته أثناء استخدام محرك البحث، بما في ذلك سهولة التنقل ووضوح تصميم الواجهات وتوفر أدوات التصفية والتصنيف والتنسيق.
- الوثوقية: يتعلق بقدرة محرك البحث على تقديم معلومات صحيحة ومن مصادر موثوقة.
- الترتيب والتصنيف: يتعلق بقدرة محرك البحث على ترتيب النتائج بشكل دقيق ووفقًا لمعايير ذات جودة عالية.
- التحديث والتطوير: تعكس قدرة المحرك على متابعة التحديثات والتطورات في عالم الويب وتقنياته، وانعكاس ذلك على نتائج البحث جودته، ويشمل ذلك متابعة تغييرات التنقيب في البيانات وأنظمة التصنيف وتحديث قواعد البيانات للتأكد من توفر أحدث المعلومات.
- مقاييس رضا المستخدمين: يتم تقييم جودة المحرك من خلال استطلاعات الرأي ومراجعات المستخدمين وتقييماتهم، لمعرفة مدى رضا المستخدمين وتجربتهم مع المحرك واستخدامه في تلبية احتياجاتهم.
- التحليلات والبيانات: يتم استخدام أدوات تحليل البيانات لفهم سلوك المستخدمين وتفاعلهم مع نتائج البحث، وذلك يوفر رؤى قيمة حول أداء المحرك ومواطن القوة والضعف.
- المقارنة بالمنافسين: يتم تقييم جودة المحرك من خلال مقارنته بالمحركات الأخرى التي تنافسه في سوق صناعة البحث.
نصائح لتحسين موقعك لمحركات البحث:
إذا كنت تهتم برؤية موقع الويب الخاص بك في نتائج البحث الأولى لمحركات البحث، فهناك العديد من الخطوات التي يمكنك القيام بها لتحسين موقعك، وإليك بعض النصائح لمساعدتك على البدء في هذا المشوار الطويل:
- تحديد الكلمات الرئيسية (Key Words): حيث تحتاج إلى معرفة الكلمات الرئيسية والعبارات التي يبحث عنها الأشخاص في مجال عملك، استخدم أدوات مثل (Google Keyword Planner) و (Semrush) لتحديد الكلمات الرئيسية والعبارات ذات الصلة التي يمكن استهدافها.
- تحسين الصفحة: بمجرد تحديد الكلمات الرئيسية المستهدفة، تحتاج إلى تضمينها في مواضع معينة من صفحات موقع الويب الخاص بك، حيث يتضمن ذلك وجودها في عنوان الصفحة والوصف التعريفي.
- إنشاء محتوى عالي الجودة: إن إنشاء محتوى إعلامي عالي الجودة أمرا ضروريا لتحسين رؤية موقع الويب من خلال نتائج محرك البحث، تأكد من وجود كلماتك المفتاحية موزعة بشكل جيد في المحتوى الخاص بك.
- الاهتمام بالروابط: يعد إنشاء روابط خلفية عالية الجودة لموقعك على الويب أمرا بالغ الأهمية لتحسين تصنيفات محرك البحث لموقعك على الويب، انضم إلى مدونات الضيوف، وشارك المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، وأنشئ روابط إلى موقعك.
- استخدم التصميم المتجاوب: نظرا لأن المزيد والمزيد من الأشخاص يستخدمون الأجهزة المحمولة والهواتف الذكية وغيرها لتصفح الويب، فإنه يتحتم عليك استخدام التصميم المتجاوب لموقعك، وهو التصميم القادر على عرض محتويات الصفحات بشكل جيد وسلس مهما كان نوع الجهاز الذي يعمل عليه المستخدم.
باتباع هذه النصائح، يمكنك ضمان ظهور موقع الويب الخاص بك في النتائج الأولى لمحركات البحث، وبالتالي جذب المزيد من الزيارات إلى هذا الموقع، الجدير بالذكر هنا أن تحسين موقعك لمحرك البحث عملية مستمرة، لذا كن مستعدًا لمراقبة استراتيجيتك وتعديلها باستمرار بمرور الوقت.
متابعة المقالة: محركات البحث، دليلك في عصر المعلومات (2)
لا توجد تعليقات