معالجة اللغة الطبيعية

معالجة اللغة الطبيعية(Natural Language Processing-NLP) هي فرع من فروع علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي الذي يهدف إلى تمكين الحواسيب من فهم اللغة البشرية وتوليدها والتفاعل معها بشكل طبيعي. يتعامل هذا المجال مع النصوص والكلمات والجمل التي يستخدمها الناس في التواصل اليومي، ويستخدم تقنيات متطورة لمعالجة اللغة من مستويات متعددة، كما يوظف تقنيات وخوارزميات مختلفة لإجراء هذه المعالجات.

لقد مكنت أبحاث معالجة اللغة الطبيعية عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي(GAI)، بدءًا من مهارات التواصل لنماذج اللغة الكبيرة (LLMs) وصولاً إلى قدرة نماذج توليد الصور على فهم الطلبات. إن معالجة اللغة الطبيعية موجودة بالفعل في حياتنا اليومية، حيث تعمل على تشغيل محركات البحث، ومساعدة روبوتات الدردشة لخدمة العملاء في فهم الأوامر المنطوقة، وتشغيل أنظمة تحديد المواقع الصوتية والمساعدات الرقمية على الهواتف الذكية. كما تلعب معالجة اللغة الطبيعية أيضًا دورًا متزايدًا في الحلول المؤسسية التي تساعد في تبسيط وأتمتة العمليات ، وزيادة إنتاجية الموظفين وتبسيط العمليات التجارية.

العلاقة بين الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة الطبيعية:

تعتبر معالجة اللغة الطبيعية جزءًا من مجال الذكاء الاصطناعي(AI)، ويعرّف الذكاء الاصطناعي بأنه القدرة على التعلم واتخاذ القرارات بذكاء يحاكي الذكاء البشري. أما تعلم الآلة(Machine Learning) فهو مجموعة من الأساليب والتقنيات التي تعتمد على البيانات والخوارزميات لتحسين أداء النظام في أداء مهمة معينة. بينما يعتبر التعلم العميق(Deep Learning)، نوعا من أنواع تعلم الآلة الذي يستخدم الشبكات العصبية العميقة لتحليل البيانات وتمييز واستخراج الأنماط والعلاقات المعقدة من هذه البيانات.

معالجة اللغة الطبيعية

فهم اللغة الطبيعية:

ينقسم مجال معالجة اللغة الطبيعية بشكل عام إلى فرعين رئيسيين هما: فهم اللغة الطبيعية (Natural Language Understanding – NLU) الذي يهتم بفهم اللغة البشرية التي يستخدمها البشر في التواصل، وتوليد اللغة الطبيعية(Natural Language Generation – NLG) الذي يقوم بإنتاج نصوص صناعية مشابهة لما ينتجه البشر.

يجب على الآلة أن تفهم اللغة العادية بطرق مشابهة للفهم البشري، بما في ذلك فهم المعاني والكلمات والتراكيب اللغوية ومضمون الكلام من السياق. وقد استفادت معالجة اللغة الطبيعية في هذا السياق بجهود علماء اللسانيات الذين قسموا اللغة البشرية إلى مستويات عديدة أهمها:

  • المستوى الصوتي(Phonological Level): دراسة الأصوات وكيفية ترتيبها وتكوينها في اللغة.
  • المستوى الصرفي(Morphological Level): دراسة الوحدات الصغيرة في اللغة وكيفية تشكيلها لتكوين الكلمات.
  • المستوى التركيبي النحوي(Syntax Level): دراسة قوانين ترتيب الكلمات والعلاقات بينها في الجمل.
  • المستوى الدلالي(Semantics Level): دراسة المعاني والمفاهيم في اللغة وكيفية تفسير الكلمات والجمل في سياقات مختلفة.
  • المستوى التداولي(Pragmatical Level): دراسة كيفية استخدام اللغة في التواصل الفعلي وتفسير المعاني الخفية لها.

خطوات المعالجة الأولية للغة الطبيعية:

اللغة بناء معقد الأجزاء، لذلك تتطلب معالجتها الكثير من الخطوات والتفاصيل حسب نوع المشكلة التي نريد التعامل معها ، إلا أنه توجد خطوات أولية شبه متفق عليها بين الباحثين في هذا المجال، وهي تعد معالجة أولية أو مسبقة(Preprocessing) للغة قبل ادخالها إلى المراحل التالية في المعالجة والتي تتضمن في العادة خوارزميات أكثر تعقيدا، تبدأ من التقنيات الاحصائية وتتدرج إلى تقنيات تعلم الآلة والتعلم العميق والنماذج معالجة اللغة الكبيرة التي بدأت تخطف الأنظار بقدراتها الفائقة على فهم وتوليد اللغة، تتضمن هذه الخطوات الأولية التالي:

  1. التجزئة(Tokenization): تتمثل في تقطيع النص إلى وحدات منطقية أصغر حجمًا تسهل معالجتها مثل الكلمات أو العبارات، وتلعب هذه الخطوة دورًا أساسيًا في تمكين الخوارزميات من فهم المحتوى.
  2. تحويل الحروف إلى صيغة موحدة(Normalization): تهدف إلى إزالة الاختلافات الشكلية في النص مثل الحروف الكبيرة أو الصغيرة والأحرف غير اللاتينية لتوحيد التمثيل وتبسيطه.
  3. إزالة الكلمات غير المفيدة(Stop words Removal): إزالة الكلمات الشائعة غير الحاملة لمعنى مثل حروف الجر أو أسماء الإشارة للتركيز على الكلمات المفيدة في التحليل.
  4. تجذير الكلمات(Stemming): إيجاد جذر الكلمة للتغلب على تحولاتها الصرفية مثل الجمع أو التصريف لدمج الكلمات ذات المعاني القريبة.
  5. التصريف القواعدي للكلمات(Lemmatization): إيجاد شكل الكلمة القياسي حسب قواعد اللغة لضمان استيعاب كافة تغيراتها بدقة أكبر من التجذير.
  6. تحديد أجزاء الكلام(Pos Tagging):  تحديد نوع كل كلمة حسب أجزاء الكلام المختلفة مثل هذه الكلمة هي فاعل أو مفعول به أو اسم العلم وغيرها من التقسيمات.
  7. التعرف على الكيانات المسماة(Named Entity Recognition): تحديد الكلمات التي تنتمي لفئات مثل الأشخاص، الأماكن، المؤسسات.

اقرأ أيضا: الويب الدلالي، نحو فهم أعمق للمعلومات.

التطبيقات العملية لمعالجة اللغة الطبيعية:

تستخدم تقنيات معالجة اللغة الطبيعية في مجموعة واسعة من التطبيقات العملية، منها:

  • محركات البحث(Search Engines): لتحسين نتائج البحث من خلال فهم أفضل للاستعلامات النصية مما يساعد على تحسين نتائج البحث، وجودة تصفح المستخدمين للمعلومات.
  • التفاعل مع العملاء(Customer Interaction): تحسين خدمات العملاء من خلال الدردشة الآلية (Chatbots)، والمساعدون الافتراضيون(Virtual Assistants)، لبناء حوارات ذكية مع العملاء عبر قنوات الدعم، مما يزيد من رضاهم ويوفر الوقت والجهد.
  • تحليل النصوص(Text Analysis): تحليل النصوص الكبيرة لاستخراج المعلومات القيمة مثل تحليل المشاعر (Sentiment Analysis)، واستخراج الكيانات المسماة(Named Entity Recognition).
  • الترجمة الآلية(Machine Translation): ترجمة النصوص من لغة إلى أخرى بدقة عالية، و التي أصبحت ممكنة عملياً بفضل التقدم في معالجة اللغات وبناء النماذج اللغوية الضخمة.
  • التلخيص الآلي(Automatic Summarization): تلخيص النصوص الطويلة إلى مقاطع قصيرة وموجزة، مما يساعد المستخدمين على استيعاب المحتوى الطويل بشكل أسرع.
  • التعرف على الكلام(Speech Recognition): تحويل الكلام المنطوق إلى نص مكتوب بدقة عالية.
  • التحقق من النصوص(Text Verification): التحقق من صحة النصوص واكتشاف الأخطاء اللغوية والنحوية.

ختاما، تعد معالجة اللغة الطبيعية(NLP) من أهم فروع الذكاء الاصطناعي، حيث تساهم في تحسين التواصل بين البشر والآلات، وتسهيل العمليات البحثية والتحليلية في مختلف المجالات الأكاديمية والصناعية والتجارية. ومع تقدم التقنيات وزيادة فعالية الخوارزميات، يتوقع أن تشهد معالجة اللغة الطبيعية تطورًا كبيرًا في المستقبل، مما سيزيد من فعاليتها في مختلف المجالات الحيوية والاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، فإن التحديات المتعلقة بالتحيز في البيانات وسوء التفسير والتعقيدات اللغوية لا تزال قائمة، مما يتطلب تطوير مستمر وتحسين للنماذج الحالية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *