في عالم الأعمال المتسارع اليوم، أصبحت القدرة على حل المشكلات(Problem Solving) بكفاءة مهارة لا غنى عنها لأي محترف يسعى للنجاح. إن إتقان هذا الفن هو المفتاح لتعزيز أداء مؤسستك، وأداة فعالة للتغلب على التحديات اليومية، وتعزيز النمو الشخصي والمهني. تمكّن مهارات حل المشكلات الأفراد والمؤسسات من التكيف مع الظروف المتغيرة، وتحويل العقبات إلى فرص، وتحقيق نتائج استثنائية. في هذه المقالة، سنستكشف كيفية تطوير هذه المهارات الحيوية وتطبيقها بفعالية في مختلف جوانب الحياة المهنية.
ما هو حل المشكلات؟
حل المشكلات هو عملية تحديد التحديات وتنفيذ أفضل الحلول الممكنة لها. وعلى الرغم من أن معظم الموظفين قد يدعون أنهم يحلون المشكلات يومياً، إلا أن القدرة على القيام بذلك بشكل فعال ومتسق هي ما يميز المحترفين الحقيقيين. تتضمن عملية حل المشكلات باحترافية الخطوات التالية:
- تحديد المشكلة.
- جمع المعلومات والتخطيط.
- تحديد سبب المشكلة.
- تحديد الحلول المحتملة واختيار أفضلها.
- تنفيذ الحل المختار.
- التقييم والمتابعة.
من المهم أن نفهم أنه لا توجد طريقة واحدة تناسب الجميع لحل المشكلات. غالباً ما تكون منهجية فريدة تتوافق مع أهدافك قصيرة وطويلة المدى والموارد المتاحة لديك.
أطر عمل حل المشكلات:
لقد تم تطوير العديد من أطر العمل والمنهجيات التي تركز على حل المشكلات كوسيلة لتحقيق الأهداف بشكل أسرع وأذكى. ومن بين هذه الأطر:
- إطار عمل (Six Sigma): هو إطار عمل يركز على القضاء على الأخطاء وتحسين تجربة العملاء، مما يؤدي إلى تحسين نتائج الأعمال. تم تطويره في الأصل بواسطة شركة موتورولا، ويحدد المشكلات من منظور رضا العملاء وتحسين تسليم المنتجات.
- الإدارة الرشيقة(Lean Management):هي منهجية تهدف إلى تبسيط عمليات الشركة بمرور الوقت بحيث تصبح أكثر رشاقة وتعقيدا، مع إنتاج نتائج أفضل.
كلا الإطارين يعلماننا أن الاستثمار في عملية حل المشكلات للمجالات الشخصية والمهنية سيؤدي إلى إنتاجية أفضل.
اقرأ أيضا:قائد الفريق،مفتاح النجاح المؤسسي
خطوات حل المشكلات بفعالية:
لتنفيذ عملية حل المشكلات بفاعلية، يجب المرور بالخطوات التالية:
1. تحديد المشكلة بدقة:
وهي الخطوة الأولى والأهم في رحلة حل أي مشكلة. في هذه المرحلة قم بطرح الأسئلة التالية:
- ما هي المشكلة بالضبط؟
- كم عدد القضايا الفرعية المرتبطة بهذه المشكلة؟
- ما هي مجالات العمل أو وظائف الأعمال التي تتأثر بهذه المشكلة؟
اكتب بيانات المشكلة بدقة في أوراق التخطيط. هذا سيساعدك على البقاء مركزاً إذا ظهرت أي عوامل تشتيت في المراحل اللاحقة.
أمثلة عملية لتحديد المشكلة:
- في مجال التجارة الإلكترونية: شركة تواجه انخفاضاً في المبيعات. بدلاً من القفز إلى استنتاجات، يقوم فريق التسويق بتحليل بيانات العملاء ويكتشف أن معدل الزيارات انخفض بشكل كبير في الصفحة الرئيسية للموقع. هذا يساعدهم في تحديد المشكلة بدقة: تصميم الصفحة الرئيسية لا يجذب العملاء بشكل فعال.
- في مجال الصناعة: مصنع يواجه تأخيرات متكررة في الإنتاج. بعد مراقبة العملية، يلاحظ المهندسون أن آلة معينة تتعطل بشكل متكرر. هنا، تم تحديد المشكلة بوضوح: عطل متكرر في آلة محددة يؤدي إلى تأخير الإنتاج.
2. جمع المعلومات والتخطيط:
في هذه المرحلة، قم بجمع البيانات ذات الصلة بالمشكلة. تجنب إغراق نفسك بمعلومات غير ضرورية، واستخدم بيانات المشكلة التي حددتها في الخطوة الأولى كدليل في عملية البحث.
قم أيضاً بالتخطيط للخطوات التالية:
- من سيتخذ القرار النهائي بشأن الحل؟
- من يجب أن يشارك في عمليات النقاش والعصف الذهني؟
- ما هي الموارد المتاحة لتنفيذ الحلول المقترحة؟
3. تحديد سبب المشكلة:
عمليا تحديد سبب المشكلة يعني تلقائيا معرفة حل المشكل، لذلك فالوصول إلى سبب المشكلة يجب أن يتم وفق خطوات منطقية واضحة ومنظمة، لذلك تم تطوير تقنيات وأدوات مختلفة لتحليل المشكلات، منها:
-
تحليل السبب الجذري:
هذه التقنية تتضمن سؤال “لماذا” خمس مرات متتالية(5 Whys)، للوصول إلى السبب الجذري للمشكلة.، وهي عادة أداة فعالة للوصول إلى السبب العميق والجذري الذي قد لا يظهر لنا من الوهلة الأولى، مثالا:
- لماذا انخفضت المبيعات؟ لأن العملاء لا يشترون.
- لماذا؟ لأنهم لا يجدون المنتجات.
- لماذا؟ لأن محرك البحث في الموقع لا يعمل بشكل جيد.
- لماذا؟ لأنه لم يتم تحديثه.
- لماذا؟ لأن فريق تكنولوجيا المعلومات مثقل بالعمل.
-
مخطط السبب والنتيجة (مخطط إيشيكاوا):
ويعرف أيضا باسم مخطط عظم السمكة(Fish Bone) لأنه يشبه الهيكل العظمي للسمك، ويستعمل لحصر كافة الأسباب المحتملة لنتيجة ( مشكلة ) معينة و لإيجاد العلاقة بين هذه النتيجة وأسبابها .
يمكن استخدام هذه الأداة من قبل فرد أو جماعة ( استخدامه من قبل جماعة أكثر فعالية ) . عادة يتم رسم المخطط من قبل قائد الفريق الذي يحدد المشكلة الرئيسية قيد الدراسة ، ثم يطلب مساعدة من فريق العمل لوضع الأسباب الرئيسية و المتفرعة عنها و هكذا يمكن ملء المخطط . و ما أن يكتمل تكوين المخطط حتى يبدأ النقاش في المجموعة من أجل تحديد أساس المشكلة الأكثر تأثيرا وقابلية للحل. الأسباب المختارة تعلم بدوائر لتحديد ما يجب عمله بعد ذلك.
4. تحديد الحلول المحتملة واختيار أفضلها:
هذه هي مرحلة توليد الأفكار الإبداعية. ركز على إنتاج حلول تعالج بيانات المشكلة مباشرة وتحقق أهدافك. لا تستبعد أي فكرة على الفور طالما أنها تلبي هذه المعايير.
تذكر أن الحلول نادراً ما تكون خطوة واحدة، بل غالباً ما تكون خارطة طريق مع مجموعة من الإجراءات. قم برسم هذه الحلول بصرياً وتضمين أي عوامل ذات صلة مثل التكاليف المتضمنة والخطوات الإجرائية والأطراف المعنية. إن جلسات العصف الذهني والنقاش الموسع أداة فعالة لرؤية الحلول من وجهات نظر مختلفة يمكن أن تتكامل للوصول إلى الحل الأمثل
5. تنفيذ الحل المختار:
هذه هي المرحلة الحاسمة حيث يتم اختيار الحل وتنفيذه. ضع في اعتبارك المعايير التي ظهرت في الخطوات السابقة أثناء اختيار الحل الذي يلبي احتياجاتك.
من المهم التنفيذ بعناية ودقة. غالباً ما يتطلب التنفيذ الفعال العمل بشكل صحيح وناجح من المرة الأولى، بدلاً من التسرع والإهمال. لذلك حاول الابتعاد عن أي تعقيدات غير ضرورية لأنها ستخلق المزيد من المشاكل، مما يعيدك إلى الخطوة الأولى.
6. التقييم والمتابعة:
بعد تنفيذ الحل، من الضروري تقييمه بموضوعية. اطرح على نفسك الأسئلة التالية:
- هل حققنا النتائج المرجوة؟
- ما الذي يمكن أن نفعله بشكل مختلف في المرة القادمة؟
من المفيد إنشاء قنوات للتغذية الراجعة (Feedback) في عملية التقييم. كما أن استخدام مؤشرات أداء رئيسية (Key Performance Indicators-KPIs)تسهل كثيرا من عملية المتابعة والتقييم، من أمثلتها: الجودة، ونجاح التسليم، وتقليل الأخطاء. قم بتحديد مؤشرات أداء واضحة تتوافق مع طبيعة عمل وأهداف الشركة لتقييم حلولك.
سنواصل حديثنا حول حل المشكلات في مقالتنا التالية بإذن الله.
لا توجد تعليقات