يشير مصطلح تجربة المستخدم(User Experience/UX) إلى ما يشعر به الشخص عند تفاعله مع أي منتج أو خدمة رقمية، وهو أمر مهم للغاية عند تصميم المنتجات، لأنه يؤثر على كيفية تفاعل الناس مع هذا المنتج وطريقة استخدامه، فعادة ما تؤدي تجربة المستخدم الجيدة إلى تحسين رضا وولاء المستخدم، وبالتالي إلى إقباله على شراء المنتج واستخدامه، بينما تؤدي تجربة المستخدم السيئة إلى عدم الرضا عن المنتج وبالتالي تركه والتخلي عنه.
لا يمكن إهمال أهمية تجربة المستخدم (UX) عند تصميم المنتجات، فطبيعة التنافس بين الشركات يحتم عليها إنتاج سلع ليست مفيدة ويمكن الاعتماد عليها فحسب، بل يجب أن ممتعة وسهلة الاستخدام أيضا. فغالبا ما تؤدي تجربة المستخدم الممتازة إلى تميز المنتج عن منافسيه وزيادة ولاء العملاء والاحتفاظ بهم.
تركز تجربة المستخدم على وجود فهم عميق للمستخدمين، وما يحتاجون إليه، وما يقدرونه، بالإضافة إلى قدراتهم، وقيودهم.
العوامل التي تؤثر على تجربة المستخدم:
إن نجاح أي تجربة لاستخدام المنتجات تعتمد بشكل مباشر على ما يقدمه هذا المنتج من قيمة مضافة للمستخدمين، لذلك قدم بيتر مورفيل(Peter Morville)، نموذجا أسماه قرص العسل(User Experience Honeycomb)، يلخص فيه العوامل التي تجعل من تجربة المستخدم ذات مغزى وقيمة:
- مفيد(Useful): يجب أن يكون المنتج الخاص بك أصليا ويلبي حاجة المستخدم تماما.
- قابل للاستخدام(Usable): يجب أن يكون المنتج سهل الاستخدام.
- مرغوب(Desirable): حيث تستخدم الصورة والهوية البصرية والعلامة التجارية وعناصر التصميم الأخرى لإثارة رغبة الزبون لاقتناء المنتج.
- يمكن العثور عليه(Findable): يجب أن تكون طريقة العثور على المنتج سهلة وميسورة، وعن طريق العديد من القنوات.
- قابل للوصول(Accessible): يجب أن يكون المنتج متاحا للجميع بما فيهم من يعانون من بعض الإعاقات التواصلية.
- المصداقية(Credible): يجب أن يثق المستخدمون ويصدقون ما تقوله لهم بخصوص المنتج.
المجالات المتعلقة ببناء تجربة المستخدم:
إن دراسة وتصميم تجربة المستخدم هو مجال جديد لا يزال قيد التعريف إلى حد كبير، حيث يتضمن إنشاء منتج ناجح يركز على المستخدم، مبادئ التفاعل بين الإنسان والحاسوب (Human Computer Interaction/HCI)، ويذهب إلى أبعد من ذلك ليستفيد من التخصصات التالية:
- إدارة المشاريع(Project Management): وهو تخصص يركز على تخطيط وتنظيم المشروع وموارده، ويتضمن ذلك تحديد وإدارة دورة الحياة التي سيتم استخدامها، وتطبيقها على عملية التصميم التي تركز على المستخدم، وبناء فريق المشروع، وتوجيه الفريق بكفاءة خلال جميع المراحل حتى اكتمال المشروع.
- أبحاث المستخدم(User Research): وتركز أبحاث المستخدم على فهم سلوكيات المستخدم واحتياجاته ودوافعه من خلال تقنيات الملاحظة وتحليل المهام ومنهجيات التغذية الراجعة الأخرى.
- تقييم قابلية الاستخدام(Usability Evaluation): حيث يدرس قدرة المستخدمين على استخدام المنتج، وتعلم وظائفه لتحقيق أهدافهم، بالإضافة إلى رصد رضا المستخدمين عن ذلك.
- بنية المعلومات(Information Architecture): تهدف بنية المعلومات إلى كيفية تنظيم المعلومات وهيكلتها ليتم تقديمها للمستخدمين في أنسب صورة.
- تصميم واجهة المستخدم(User Interface Design): يركز على توقع احتياجات المستخدمين، والتأكد أن واجهة المنتج تحتوي العناصر المطلوبة بشكل سهل الوصول والفهم والاستخدام.
- تصميم التفاعل(Interaction Design/IxD): يهتم هذا المجال بإنشاء أنظمة تفاعلية جذابة ذات سلوكيات مدروسة جيدا.
- استراتيجية المحتوى(Content Strategy): تركز استراتيجية المحتوى على كتابة وتنظيم المحتوى المفيد من خلال التخطيط لإنشاء المحتوى وتسليمه وحوكمته.
اقرأ أيضا: الخوارزمية، فن الانتقال من المشاكل إلى الحلول.
خطوات تصميم تجربة المستخدم لمطوري المنتجات:
عملية تصميم تجربة المستخدم(UX Design)، هي مجموعة من الإجراءات والمنهجيات المستخدمة لفهم أهداف واحتياجات المستخدمين، ثم بناء منتجات تلبي تلك المطالب بشكل فعال. وهي تتضمن الخطوات التالية:
- تحديد احتياجات وأهداف المستخدم:إن فهم أهداف وغايات الأشخاص الذين سيستخدمون المنتج هو المرحلة الأولى في عملية تصميم تجربة المستخدم، هذه الخطوة تستلزم البحث الدقيق لمعرفة المزيد عن المستخدمين وأنشطتهم ودوافعهم، ويمكن تحقيق ذلك عن طريق المقابلات، والاستبيانات، ومجموعات التركيز(Focus Groups)، واختبارات قابلية الاستخدام.
- تحديد نطاق المشروع:بعد تحديد احتياجات المستخدم وأهدافه، تحدد المرحلة التالية نطاق المشروع، ويتضمن ذلك تحديد خصائص المنتج، ووظائفه، وتجربة المستخدم الإجمالية له. ويمكن انجاز ذلك عن طريق دراسة شخصية المستخدم وطرقه في التعامل مع المنتجات للمساعدة في تصور تجربة المستخدم المناسبة.
- إجراء أبحاث المستخدم(User Research):أبحاث المستخدم هو عملية مستمرة تساعد المصممين في فهم رغبات وأهداف المستخدمين بالإضافة إلى التحقق من صحة افتراضاتهم حول كيفية استخدام المنتج. تتضمن أمثلة هذه الأنشطة اختبار قابلية الاستخدام ومجموعات التركيز .
- انشاء الهياكل والنماذج الأولية (Wireframes and Prototypes):المرحلة التالية هي تصميم الهياكل والنماذج الأولية، حيث تعتبر الهياكل تمثيلات مبسطة للمنتج تحدد تخطيط واجهة المستخدم وتدفق البيانات، بينما تمثل النماذج الأولية نسخا مفصلةً من المنتج يمكن اختبارها وتحسينها.
- الاختبار والتكرار:يعد الاختبار من المكونات الأساسية لعملية تصميم تجربة المستخدم، وهي تستلزم جمع تجارب العملاء وإجراء اختبارات متنوعة والاستفادة منها لتطوير المنتج وتحسينه، من الجدير بالذكر هنا أن هذه العملية يجب تكرارها في كل دورة من دورات التطوير والتحسين.
أهمية تجربة المستخدم للمطورين:
تعد تجربة المستخدم القوية أمرا بالغ الأهمية لأنها توفر فوائد مختلفة يمكن أن تعزز النجاح والنمو، فيما يلي أهم أربع مزايا لتجربة المستخدم الإيجابية بالنسبة للمطورين:
- تعزز تجربة المستخدم الجيدة سعادة المستخدم وولائه، ومن المرجح أن يستخدم الأشخاص المنتج مرة أخرى، ويقترحونه على الآخرين، ويقدمون ملاحظات إيجابية إذا كانت لديهم تجربة ممتعة. قد يؤدي ذلك إلى زيادة الاحتفاظ بالعملاء وولائهم مع مساعدة الشركات أيضا في تطوير سمعة وعلامة تجارية قوية.
- تؤدي تجربة المستخدم القوية أيضا إلى زيادة المبيعات والدخل، فالأشخاص الذين يحبون استخدام منتج ما، هم أكثر ميلا لشرائه وقد يكونون مستعدين لدفع المزيد مقابل تجربة عالية الجودة.
- يساهم الاستثمار في تجربة مستخدم ممتازة في خفض تكاليف التطوير. فقد تقلل الشركات من الحاجة إلى مساعدة العملاء وتدريبهم من خلال تطوير منتجات سهلة الاستخدام والفهم، فضلا عن الحاجة إلى عمليات إعادة تصميم وترقيات مكلفة.
- تساعد تجربة المستخدم الجيدة الشركات في تطوير سمعة رائعة للعلامة التجارية. فعندما يتمتع الأفراد بتجربة ممتعة مع منتج ما، فإنهم ينظرون إلى الشركة التي أنشأته بشكل إيجابي، قد يعزز ذلك ولاء المستهلك والمساعدة على جذب عملاء جدد.
تحديات تصميم تجربة المستخدم:
قد يكون إنشاء حلول ذات تجربة مستخدم رائعة أمرا صعبا لعدة أسباب، فيما يلي بعض الصعوبات المتكررة في تصميم تجربة المستخدم:
- تحقيق التوازن بين أهداف العمل واحتياجات المستخدم: أحد أصعب جوانب تصميم تجربة المستخدم هو التوفيق بين مطالب وطموحات الشركة ومتطلبات وطموحات المستخدمين. غالبا ما يكون لدى الشركات أهداف وغايات معينة لتحقيقها، مثل زيادة المبيعات أو تحسين الكفاءة. ومع ذلك، يجب موازنة هذه الأهداف مع رغبات وأهداف المستخدمين لأن المنتج الذي لا يناسب طلبات العملاء من غير المرجح أن ينجح.
لمعالجة هذه المشكلة ، يجب على مصممي تجربة المستخدم التأكيد على أبحاث المستخدم واختباره واستخدام النتائج لدفع قرارات التصميم الخاصة بهم. وبذلك ينجح المصممون في بناء منتجات ذات كفاءة عالية وممتعة للمستهلكين، مع تلبية أهداف الشركة أيضا من خلال معرفة رغباتهم واحتياجاتهم.
- إدارة توقعات أصحاب المصلحة: من الجوانب الأخرى الصعبة في تصميم تجربة المستخدم هي إدارة توقعات أصحاب المصلحة، والتي تشمل قادة الشركات والمستثمرين والمديرين التنفيذيين. قد يكون لأصحاب المصلحة هؤلاء أهداف ووجهات نظر متضاربة، مما يجعل من الصعب مطابقة توقعاتهم مع متطلبات وأهداف المستخدمين.
لمعالجة هذه المشكلة، يجب على مصممي التجربة التواصل بصراحة مع أصحاب المصلحة وإشراكهم في عملية التصميم. وقد يساعد المصممون أصحاب المصلحة في فهم متطلبات وأهداف المستخدمين من خلال تقديم نتائج البحوث والنماذج الأولية، ويمكنهم التعاون لاكتشاف الحلول التي تلبي احتياجات جميع الأطراف المعنية.
- ضمان الاتساق وسهولة الاستخدام: ضمان الاتساق والفائدة من الأمور المهمة لأي منتج رقمي، يمكن للمنتجات غير المتسقة أو صعبة الاستخدام أن تزعج المستهلكين، مما يؤدي إلى التخلي عنها أو ردود أفعال سيئة حيالها.
للتغلب على هذه العقبة ، يجب على مصممي تجربة الاستخدام الالتزام بمبادئ وأنماط التصميم الراسخة وإجراء اختبار المستخدم لتأكيد قرارات التصميم الخاصة بهم. يمكن للمصممين إنشاء منتجات متسقة وسهلة الاستخدام باتباع أفضل الممارسات والتماس مدخلات المستخدم.
بشكل عام، يعد تصميم تجربة المستخدم نظاما معقدا وشاملا يستلزم التغلب على المشكلات المختلفة لبناء منتجات ممتعة وفعالة للمستهلكين. يمكن للمصممين إنشاء منتجات تناسب متطلبات وأهداف جميع أصحاب المصلحة من خلال الالتزام بأفضل الممارسات ، والبقاء على اطلاع بأحدث الاتجاهات والأساليب، ودمج المستخدمين في عملية التصميم.
لا توجد تعليقات