القرصنة الأخلاقية(Ethical Hacking)، هي وظيفة ظهرت بسبب التقدم المستمر في المجال التقني، حيث أصبحت التهديدات السيبرانية هي الأصل، وأصبح الشغل الشاغل لمجرمي الإنترنت إيجاد طرق وأدوات للوصول إلى الأنظمة والشبكات، كل ذلك بغرض سرقة المعلومات الحساسة أو التسبب في ضرر من نوع ما. لذلك كانت القرصنة الأخلاقية هي ردة الفعل الطبيعية لكل هذه التحديات، حيث يقوم القراصنة الأخلاقيون بنفس الأعمال التي يقوم بها المجرمون، ولكن هذه المرة بنويا حسنة وبهدف إيقاف الأعمال الإجرامية من خلال تحديد نقاط الضعف وإصلاحها، واستكشاف آليات عمل المجرمين على الشبكة.
ما هي القرصنة الأخلاقية؟
قبل أن نعرّف مصطلح القرصنة الأخلاقية، نحتاج أولا إلى فهم ما نعنيه بمصطلح القرصنة. القرصنة موجودة منذ الأيام الأولى لتطوير الحاسوب، الفرق الوحيد هو أنه في الماضي تم إجراء القرصنة كوسيلة لمساعدة الناس على تعلم كيفية عمل الحواسيب وما يمكن أن تفعله.
الآن، مع استمرار التطور التقني، تطورت أيضا التجارب التي كانت مخصصة لأغراض التعلم والفهم. مما أدى إلى قيام الأشخاص باستغلال الأنظمة لتحقيق مكاسب شخصية. هذا هو المكان الذي يأتي منه التعريف الشائع لمصطلح القرصنة.
للتبسيط، يمكننا تعريف القرصنة(Hacking) بأنها عملية تسلل غير قانونية للوصول إلى حاسوب أو شبكة دون إذن المالك لتحقيق مكاسب شخصية، والقرصان هو من يقوم بهذا الفعل.
أنواع المتسللين:
لدينا أنواع مختلفة من المتسللين، تشمل:
- قراصنة القبعة السوداء(Black Hat Hackers): يقتحمون نظاما دون إذن المالك لتحقيق مكاسب شخصية أو نية خبيثة.
- قراصنة القبعة الرمادية(Gray Hat Hackers): يقتحمون نظاما أو شبكة حواسيب دون إذن المالك لكنهم لا يقصدون أي ضرر. قد يختارون إبلاغ المالك بنقاط الضعف أو حتى استخدام المهارات لتحقيق مكاسب شخصية.
- قراصنة النصوص البرمجية(Script Kiddie): المعروفون أيضا باسم الهواة(Amateurs). وهم مهاجمون لديهم مهارات قرصنة قليلة أو معدومة يعتمدون في الغالب على الأدوات الجاهزة، والتعليمات والبرامج النصية المتاحة عبر الإنترنت لشن هجماتهم. تجدر الإشارة إلى أن معظمهم لا يدركون ما يفعلونه، لذلك قد تؤدي أفعالهم إلى نتائج مدمرة.
- القراصنة المنظمون(Organized Hackers): المعروف أيضا باسم مجموعات القراصنة(hacker groups or hacker collectives). هؤلاء المتسللون هم مجموعة من الأفراد الذين يعملون معًا لشن هجوم ضد هدف معين لتحقيق هدف مشترك، أشهر هذه المجموعات مجموعات Anonymous و Lizard Squad و APT. من المهم ملاحظة أن هذه الجماعات غير قانونية وأن أفعالها قد تسبب ضررا جسيما للأفراد والمنظمات والحكومات.
- قراصنة القبعة البيضاء(White Hat Hackers): المعروفون أيضا باسم القراصنة الأخلاقيين، وهم يقتحمون الأنظمة بإذن ملاكها، ومهمتهم الرئيسية هي تحديد نقاط الضعف وإصلاحها لتجنب الاستغلال من الخارج.
لمواجهة الممارسات الخبيثة وحيل الإختراق المختلفة، أدركت المنظمات والحكومات الحاجة إلى متخصصين أمنيين هدفهم الوحيد هو حماية الأنظمة من الوصول غير المصرح به، وشملت أدوارهم أيضا اختبار الأنظمة للتأكد من أنها آمنة. وهكذا ظهر مصطلح القرصنة الأخلاقية. وبدأ الناس في متابعتها كمهنة.
مما سبق يمكننا تعريف القرصنة الأخلاقية على أنها اقتحام نظام أو شبكة حواسيب بإذن من مالكها لغرض وحيد هو تحديد نقاط الضعف التي قد يتم استغلالها أو استخدامها لنوايا خبيثة.
الهدف الرئيسي من القرصنة الأخلاقية هو تحديد التهديدات الأمنية المحتملة وإصلاحها قبل استخدامها في الأعمال الضارة، ويعرف الأشخاص الذين يمارسونها باسم القراصنة الأخلاقيين أو قراصنة القبعة البيضاء.
أنواع مختلفة من القرصنة الأخلاقية:
لدينا أنواع مختلفة من القرصنة الأخلاقية ، وأكثرها شيوعا يشمل التالي:
- اختراق الشبكة(Network Hacking): يتضمن هذا النوع من الهجوم اختبار أمان البنية التحتية للمؤسسة، وجدران الحماية(Firewalls)، وأجهزة التشبيك الأخرى.
- اختراق تطبيقات الويب(Web Application Hacking): يتضمن اختبار نقاط الضعف في تطبيقات الويب الخاصة بالمؤسسة مثل مواقع التجارة الإلكترونية، ومنصات الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، والخدمات الأخرى المستندة إلى الويب.
- الهندسة الاجتماعية(Social Engineering): تتضمن اختبار مدى احتمالية وقوع الموظفين في هجمات التصيد الاحتيالي(Phishing Attacks)، وتقنيات الهندسة الاجتماعية الأخرى.
- القرصنة اللاسلكية(Wireless Hacking): تتضمن اختبار الأمان اللاسلكي للمؤسسات ومدى احتمالية أن تكون نقطة الهجوم.
- اختبار الاختراق المادي(Physical Penetration Testing): يتضمن اختبار أمان المباني المادية والأبواب للمؤسسة خاصة مراكز البيانات والمرافق المتعلقة بها.
دور القرصان الأخلاقي:
كونك قرصانا أخلاقيا(Ethical Hacker) ينطوي على العديد من المهام، لكن الدور الأساسي هو المساعدة في تحديد نقاط الضعف في النظام قبل استغلالها من قبل المتسللين الضارين. من خلال القيام بهذا الدور تكون المؤسسة قادرة على تحسين الأمن ومنع أي شكل من أشكال الهجوم السيبراني.
بالإضافة إلى ذلك، تشمل المهام الأخرى للمخترق الأخلاقي ما يلي:
- تعزيز الوعي الأمني في مؤسستهم.
- ضمان الامتثال للوائح والمعايير الأمينة.
- البحث والتطوير الأمني.
- التأكد من وجود الحد الأدنى من مخاطر خروقات البيانات(Data Breaches) والحوادث الأمنية الأخرى.
- إشاعة الوعي حول الأمن السيبراني وكيفية منع الهجمات.
فوائد القرصنة الأخلاقية:
تلعب القرصنة الأخلاقية دورا حاسما في منع الهجمات الإلكترونية، فالفكرة الرئيسية وراءها هي استخدام نفس الأدوات والتقنيات التي يستخدمها المهاجمون لتحديد نقاط الضعف، وبالتالي يمكن فهم آليات تفكيرهم وخطواتهم القادمة، أو محاربتهم بنفس الأسلحة التي يستخدمونها.
بالإضافة إلى المساعدة في تحديد نقاط الضعف ومساعدة المؤسسات على تحسين أمنها، يمكن أن توفر القرصنة الأخلاقية مجموعة واسعة من الفوائد، مثل:
- تخفيف المخاطر(Mitigating Risks): يمكن أن يساعد ذلك في منع خروقات البيانات والهجمات الإلكترونية والحوادث الأمنية الأخرى.
- الجدوى المالية(Cost Effective): القرصنة الأخلاقية هي وسيلة فعالة من حيث التكلفة للمؤسسة لاختبار أنظمة الأمان الخاصة بها.
- الامتثال(Compliance): يمكن أن تساعد القرصنة الأخلاقية المؤسسة على ضمان استيفائها لمتطلبات الامتثال المطلوبة للأمن الإلكتروني، وتجنب العقوبات المكلفة.
- التحسين المستمر(Continuous Improvement): القرصنة الأخلاقية ليست عملية لمرة واحدة، إنه مجال متطور، مما يعني أنه ستكون هناك مخاطر جديدة كل يوم. يمكن أن يساعد وجود مخترق أخلاقي على ضمان تحديث الأمان بأحدث التقنيات.
تحديات القرصنة الأخلاقية:
كأي مهنة أخرى، يواجه مجال القرصنة الأخلاقية بعض التحديات أيضا. يمكن أن تتراوح هذه التحديات من القضايا القانونية والأخلاقية إلى القضايا التقنية، والتي تحتاج من وقت لآخر إلى معالجتها لضمان النجاح في الاختبار والعمل نفسه.
المشكلة الأكثر شيوعا والتي تواجه الكثير من المتخصصين هي كيفية التنقل بشكل صحيح في الاعتبارات القانونية والأخلاقية حول هذا المجال، فبقدر ما تعتبر القرصنة الأخلاقية قانونية في العديد من البلدان، لا يزال من المهم التأكد من أن كل شيء يتم ضمن حدود القانون، عليك الانتباه جيدا لخطورة وقوعك في أي مخالفات قانونية.
بالإضافة إلى الالتزام بالقوانين، يجب على القراصنة الأخلاقيين الالتزام الصارم بالمعايير الأخلاقية، التي تنظم وتضمن أن أنشطتهم لا تسبب أي ضرر.
التحدي الآخر هو الحصول على التراخيص وأوراق الاعتماد المناسبة لإجراء الاختبار. لا يمكنك أن تقرر إجراء اختبار أخلاقي لأنك فقط تمتلك المهارات التقنية للقيام بذلك، بل يجب أن يكون لديك موافقة خطية توضح أن لديك إذنا لإجراء الاختبار.
أما التحدي التقني الأساسي الذي يواجهه معظم القراصنة الأخلاقيين فهو تحديد نقاط الضعف في الأنظمة المعقدة. إذا كنت تريد أن تكون قرصانا أخلاقيا فعالا، فيجب أن تكون بارعا في تقنيات مختلفة بما في ذلك لغات البرمجة وأدوات الأمان، والفهم القوي لبنية الشبكة والبروتوكولات الخاصة بها، ومتابعة التحديثات المستمرة في هذه المجالات، كل ذلك يسهل عليك العثور على نقاط الضعف.
يمكن أن يكون تحديد الأولويات أيضا تحديا كبيرا في مرحلة ما، ففي حال وجود العديد من نقاط الضعف داخل النظام، ونظرا لأن جميعها قد تشكل تهديدا خطيرا، فقد يكون من الصعب على المتسلل الأخلاقي تحديد الأولويات التي يجب الاهتمام بها أولا.
اقرأ أيضا: الأمن السيبراني وحماية المجال الرقمي.
شهادات القرصنة الأخلاقية:
لكي يصبح المرء مخترقا أخلاقيا، من الضروري وجود فهم قوي لأنظمة الكمبيوتر والشبكات ولغات البرمجة. الشيء الجيد هو أنه يمكنك اكتساب هذه المهارات من خلال التعليم الرسمي والخبرة العملية والشهادات عبر الإنترنت والتدريب وما إلى ذلك.
الطريقة الأكثر تفضيلا من قبل العديد من أصحاب العمل هي الحصول على شهادات من هيئات معترف بها دوليا في هذا المجال، هناك العديد من الشهادات وموارد التعلم على الإنترنت، لذلك إذا كنت تبحث عن مكان للبدء، فقد ترغب في التعرف على هذه الشهادات:
- المجلس الدولي لمستشاري التجارة الإلكترونية (EC-Council): يقدم شهادات مثل:
-
- Certified Ethical Hacker (CEH)
- Certified Network Defender (CND)
- Certified Chief Information Security Officer (CCISO)
- الأمن الهجومي(Offensive Security): يقدم شهادات مثل:
- Offensive Security Certified Professional (OSCP)
- Offensive Security Wireless Professional (OSWP)
- الاتحاد الدولي لشهادات أمن نظم المعلومات (ISC)²: يقدم شهادات مثل:
- Certified Information Systems Security Professional (CISSP)
- Certified Cloud Security Professional (CCSP)
- Systems Security Certified Practitioner (SSCP)
- شهادة ضمان المعلومات العالمية (GIAC): تقدم شهادات مثل:
- GIAC Penetration Tester (GPEN)
- GIAC Certified Incident Handler (GCIH)
- GIAC Certified Forensic Analyst (GCFA)
- CompTIA: تقدم شهادات مثل:
- CompTIA Security+
- CompTIA Cybersecurity Analyst (CySA+)
- CompTIA Advanced Security Practitioner (CASP+)
- Cisco: تقدم شهادات مثل:
- Cisco Certified Network Associate Security (CCNA Security)
- Cisco Certified Network Professional Security (CCNP Security)
- Cisco Certified CyberOps Associate
خاتمة:
مع استمرار التطور التقني، تتطور التهديدات الأمنية كذلك، مما يحتم على المؤسسات الاستثمار في استراتيجيات الأمن السيبراني للمساعدة في منع أي شكل من أشكال الاستغلال. فالوقاية دوما خير من العلاج. لذلك فإن اتخاذ التدابير المبكرة والوقائية مفيد أكثر مما تتخيل.
نظرا لأهمية القرصنة الأخلاقية في ضمان الأمن، يجب علينا جميعا أن نأخذ الأمر على محمل الجد، ونتقيد بالنصائح الأمنية الأساسية مثل استخدام الشبكات الآمنة المشفرة، وتمكين طبقات متقدمة من الحماية مثل المصادقة الثنائية، والاستثمار في أفراد الأمن المؤهلين، وخلق الوعي باستمرار بين الموظفين والمجتمعات ككل. باتباع هذه الخطوات، سنكون قادرين على تحسين أمننا وحماية بياناتنا الحساسة، مما يقلل من خطر وقوعنا ضحايا للهجمات الإلكترونية بمختلف أنواعها.
لا توجد تعليقات